إقصاء وتهميش.. منع ممرضين معارضين من حضور احتفالية رسمية في إيران
إقصاء وتهميش.. منع ممرضين معارضين من حضور احتفالية رسمية في إيران
تفاقمت في السنوات الأخيرة أزمة الممرضين في إيران، وسط تدهور بيئة العمل وارتفاع نسب الهجرة والاستقالات، بينما تُقابل المطالب بتحسين الأوضاع بالتجاهل أو العقاب.
ويشير ناشطون حقوقيون إلى أنّ السلطات تحاول تصوير الواقع المهني على أنه مستقر، رغم تصاعد الاحتجاجات وموجة التضييق ضد الأصوات النقابية المنتقدة، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الخميس.
ويأتي "يوم الممرض" هذا العام في ظلّ توتر متزايد بين ممثلي القطاع ووزارة الصحة، بعدما تحوّلت الفعالية الرسمية إلى مناسبة تُقصي المطالبين بحقوقهم وتمنعهم حتى من دخول قاعة الاحتفال.
تجاهل واحتقان مهني
أُقيم اليوم الخميس، احتفال رسمي في طهران بمناسبة يوم الممرّض الإيراني داخل قاعة المؤتمرات الدولية لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، بحضور الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
إلا أنّ المناسبة التي كان يُفترض أن تُكرّم العاملين في القطاع الصحي، تحوّلت إلى مشهدٍ من الإقصاء والتهميش بعد منع عدد من الممرضين المنتقدين من دخول القاعة، بينهم ممثلون نقابيون معروفون بمطالبهم المهنية والاجتماعية.
وقال الأمين العام لـ"بيت الممرض"، محمد شريفي مقدم، إن من بين الممنوعين إسماعيل شريعتي، رئيس نقابة التمريض في مدينة شاهرود، الذي لم تُصدر له بطاقة حضور رغم كونه ممثلاً منتخبًا للممرضين.
ووصف شريفي مقدم، هذا التصرف بأنه "إهانة لشريحة واسعة من الممرضين"، معتبرًا أن الفعالية كانت "شكلية ودعائية"، تهدف إلى "إظهار صورة مثالية زائفة عن واقع مأزوم".
تضييق وملاحقات للمنتقدين
أكد شريفي مقدم أنّ وزارة الصحة زادت من تضييقها على الأصوات المنتقدة خلال العام الماضي، مشيرًا إلى أن جامعة مشهد للعلوم الطبية قدّمت شكوى ضد فاطمة بحريني، رئيسة هيئة التمريض في مشهد، بتهمة "نشر الأكاذيب"، كما وُجهت ثلاث شكاوى أخرى ضد الناشط النقابي حسين بور، شملت الفصل من العمل وقطع الراتب.
وأضاف أن كثيرًا من الممرضين فضلوا ترك المهنة بعد فشل محاولاتهم في الحصول على حقوقهم المشروعة، مثل تطبيق قانون تسعير خدمات التمريض وزيادة الأجور.
وفي السياق، قال عباس عبادي، معاون شؤون التمريض في وزارة الصحة، في مقابلة تلفزيونية، إن البلاد فقدت نحو 2500 ممرض خلال عام 2024–2025، موضحًا أن 570 منهم هاجروا إلى الخارج، فيما استقال 1950 آخرون أو تركوا وظائفهم دون إخطار.
وبحسب معايير منظمة الصحة العالمية، يجب أن يتوافر ثلاثة ممرضين لكل ألف مواطن، غير أن عدد الممرضين في إيران لا يتجاوز نصف هذا الحد الأدنى، مما يهدد بانهيار منظومة الرعاية الصحية.
انتهاك الحق في العمل
يرى خبراء حقوقيون أن ما يجري في قطاع التمريض الإيراني يمثل انتهاكًا واضحًا للحق في التنظيم النقابي والتمثيل المهني، الذي تكفله اتفاقيات منظمة العمل الدولية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويؤكد مراقبون أن تهميش ممثلي الممرضين، وملاحقة الناشطين، وحرمانهم من التعبير السلمي عن مطالبهم، يعكس نمطًا من التضييق الحكومي المتزايد على المجتمع المدني في إيران، ويؤدي إلى مزيد من الاستقالات والهجرة، مما يفاقم أزمة الكوادر الصحية في بلد يواجه ضغوطًا اقتصادية وصحية متراكمة.











